ضمانات المحاكمة التأديبية
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود ذكى فرغلى نائب رئيس مجلس الدولةوعضوية السادة الأساتذة: على فكرى حسن صالح وحسن كمال أبوزيد شلال وعبد المنعم أحمد عامر نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الثلاثاء الموافق 5/8/1997 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 5699 لسنة 43 ق.عليا عن الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التعليم وملحقاتها بجلسة 23/6/1997 والذى قضى بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان بصفتهما الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء القرار رقم 83 لسنة 1996 الصادر بمجازاة المطعون ضدهما بخصم خمسة عشر يوماً من راتب كل منهما ورفض المطعون التأديبية أرقام 326، 342، 344 لسنة 40ق مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وجرى نظر الطعن أمام الدائرة السابعة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر جلساتها حتى قررت بجلسة 18/4/2001 إحالته إلى الدائرة السابعة موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 20/5/2001 حيث جرى نظره بهذه الجلسة والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 17/6/2001 إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدها الأولى كانت قد أقامت الطعن رقم 326 لسنة 30ق بإيداع صحيفة قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة التعليم وملحقاتها بتاريخ 28/8/1996 طالبة فى ختامها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وبراءتها مما نسب إليها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وفى 9/9/1996 أقام المطعون ضدهما الطعن رقم 242 لسنة 30ق بصحيفة أودعت قلم كتاب ذات المحكمة طلبا فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 83 فى 6/6/1996 من إدارة جنوب القاهرة التعليمية بمجازاتها بخصم خمسة عشر يوماً من المرتب فى القضية رقم 39/ج/1996 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وفى 9/9/1996 أقام المطعون ضده الثانى الطعن رقم 344 لسنة 40 ق بإيداع صحيفة قلم كتاب ذات المحكمة طالبا فى ختامها الحكم بإلغاء المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه وبراءته مما نسب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكرت المطعون ضدها الأولى فى صحيفة الطعن رقم 326 لسنة 30ق فإنه صدر القرار رقم 83 بتاريخ 6/6/1996 من إدارة جنوب القاهرة التعليمية بمجازاتها بخصم خمسة عشر يوماً من أجرها لخروجها على مقتضى الواجب الوظيفى وكتاب تقرير للإدارة التعليمية كذباً - القضية رقم 39/خ/1996، وذكرت أنها علمت بهذا القرار بتاريخ 25/7/1996 ولم تتلق رداً على تظلمها ونعت على هذا القرار أنه أخل بحقها فى الدفاع حيث لم يجر معهما أى تحقيق ولم تسمع أقوالها وأنه أقام على سبب غير صحيح ذلك أن استند إلى أنها قدمت تقرير للإدارة التعليمية كذباً وهو ما لم يحدث لأن كل ما تقدمت به هو مذكرة بشأن تهجم والدة التلميذ ............. عليها أثناء الحصة المدرسية يوم 11/3/1996 وتوعدتها بقدرتها على استصدار قرار بعقابها وقام مدير المدرسة برفع مذكرة إلى الإدارة التعليمية مرفقاً بها مذكرات من المدرسين عن مشاغبات التلميذ واعتدائه على زملائه وذكرت أن القرار المطعون فيه صدر مشوباً بالانحراف بالسلطة لأن والدة التلميذ المذكور ذكرت أنه سوف تستصدر قراراً بمجازاتها وصدر القرار بالفعل أثر هذا التهديد كما تضمن القرار مغالاة فى الجزاء.
كما ذكر الطاعن الثانى فى صحيفة الطعن رقم 344 لسنة 40ق أن القرار رقم 83 الصادر من إدارة جنوب القاهرة التعليمية فى الدفاع عن نفسه وغير قائم على سبب صحيح لأنه نسب إليه كتاب تقارير للإدارة التعليمية كذباً وهو أمر لم يقم عليه دليل من الطاعنين فى صحيفة الطعن رقم 342 لسنة 30ق طعناً على ذات القرار.
وبجلسة 13/6/1997 أصدرت المحكمة التأديبية الحكم المطعون فيه والذى قضى بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن الطاعنين قراراً فى صحائف طعونهما وفى محاضر الجلسات أنه لم يجر معها أى تحقيق قبل صدور القرار المطعون فيه وإن المحكمة كلفت الجهة الإدارية بتقديم أوراق التحقيق والرد على ما قرره الطاعنان لكنها لم تفعل رغم تغريم المحكمة لها ومن ثم يعتبر إقناعها عن تقديم ما يثبت إجراء تحقيق مع الطاعنين قبل إصدار القرار المطعون فيه قرينة على صحيفة ما ذكره الطاعنان ويكون القرار المذكور مخالفاً لأحكام القانون وغير قائم على سبب يقرره ومن ثم يتعين إلغاؤه.
ويقوم الطعن على هذا الحكم تأسيساً على مخالفة لأحكام القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن الثابت بأوراق القضية رقم 39/خ/96 أن المطعون ضدهما خرجاً على مقتضى الواجب الوظيفى وكتاب تقرير للإدارة التعليمية كذباً وافتراء ومن ثم يكون القرار المطعون فيه مستخلصاً استخلاصاً سائغاً وبالتالى تنهار القرينة السلبية المستمدة من نكول الجهة الإدارية عن الوفاء بالتزامها القانونى فى إيداع المستندات خاصة وأنها سوف تقدمها أمام المحكمة الإدارية العليا وهى بصدد نظر الطعن الماثل.
ومن حيث إن الثابت أن هيئة قضايا الدولة أودعت بجلسة 17/1/2001 أثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون - الأوراق اللازمة للفصل فى الطعن، ومن ثم فإن المحكمة تتصدى للفصل فى موضوع الطعن بعد أن صار صالحاً للفصل فيه، حسبما استقر عليه قضاؤها فى هذا الشأن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بناء على شكوى المستشار/ ............... ولى أمر التلميذ ............. بالصف الأول الابتدائى بمدرسة الحلمية التجريبية لغات ضد السيدة/ .............. مدرسة اللغة العربية والدين بالمدرسة جاء فيها أنها تقوم بإعطاء مجموعة متميزة لتلاميذ الفصل وعددهم أربعة عشر تلميذاً كما قدم المستشار شكوى أخرى يتضرر فيها من أن مدير المدرسة ومدرسة الفصل المذكورة قدما للإدارة التعليمية تقريراً ضد نجله وزوجته افتراء وكذباً، بناء على هاتين الشكويين قامت لجنة من مكتب وزير التعليم بزيارة المدرسة وأعدت تقرير متابعة فى هذا الشأن تم عرضه على الوزير فأصدر تعليماته بأن تجازى السيدة المذكورة بخصم ثلاثة أيام من المرتب عما نسب إليها من إعطاء مجموعة متميزة لتلاميذ الفصل وخصم خمسة عشر يوماً من راتبها وراتب مدير المدرسة لما نسب إليهما من كتابة تقرير للإدارة التعليمية ضد نجل الشاكى وزوجته، ووردت هذه التعليمات إلى الإدارة العامة للشئون القانونية بالوزارة من وكيل الوزارة المشرف على مكتب الوزير والتى قامت بدورها بإخطار إدارة جنوب القاهرة التعليمية للتنفيذ، وبالفعل تم تنفيذ قرار الوزير بمجازاة المطعون ضدهما الأولى والثانى.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ولاية التأديب لا تملكها سوى الجهة التى ناط بها المشرع هذا الاختصاص فى الشكل الذى حدده لما فى ذلك من ضمانات قدر أنها لا تتحقق إلا بهذه الأوضاع.ومن حيث إن المادة 27 مكرراً/1 من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المضافة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 تنص على أن: يكون المحافظ رئيساً لجميع العاملين المدنيين فى نطاق المحافظة فى الجهات التى نقلت اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية ويمارس بالنسبة لهم جميع اختصاصات الوزير ... وتنص المادة 5 من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون المذكور على أن "تتولى الوحدات المحلية كل فى دائرتها وفق خطة وزارة التعليم إنشاء وتجهيز وإدارة المدارس عدا المدارس التجريبية ...".
ومن حيث إن مفاد النصين السابقين أن المحافظ هو رئيس لجميع العاملين المدنيين فى نطاق المحافظة وذلك بالنسبة للجهات التى نقلت اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية ومن بينها وزارة التعليم إلا أن المشرع أخرج المدارس التجريبية من نطاق إشراف الوحدات المحلية ومن ثم فإن الاختصاص تأديب العاملين بتلك المدارس ينعقد لوزير التعليم.
ومن حيث إن المادة 79 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه " لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق بعد كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ويجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً، ومفاد ذلك على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أنه يجب قبل توقيع الجزاء على العامل إجراء تحقيق تسمع فيه أقواله وتحقق أوجه دفاعه التى يبديها فى معرض دفع الاتهام المنسوب إليه، كما أكدت ذات المحكمة فى حكم آخر لها أن الشكاوى والبلاغات والتحريات تصلح سنداً للإتهام إلى من تشير إليه ولا تصلح سنداً لتوقيع الجزاء ما لم تجر جهة الإدارة تحقيقاً تواجه فيه المتهم بما هو منسوب إليه وتسمع أقواله وأوجه دفاعه لصالح الحقيقة وتستخلص قرارها استخلاصاً سائغاً من الأوراق وإلا وقع هذا القرار مخالفاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه لم يتم التحقيق مع كل من المطعون ضدهما فيم نسب إليهما من مخالفات ومن ثم فإن قرار الجزاء المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة وقضى بما تقضى على خلاف فى الأسباب فإنه يكون قد أصاب وجه الحق فى النتيجة التى انتهى إليها ويضحى الطعن فيه بغير سند خليقاً بالرفض.
ولا يغير من ذلك القول بأنه بناء على شكوى ولى أمر التلميذ المذكور إلى مكتب وزير التعليم للمتابعة تم تكليف لجنة المكتب لزيارة المدرسة التى يعمل بها الطعون ضدهما وإعداد تقرير بشأن هذه الشكوى انتهت فيه إلى أنه تبين لها أن المدرسة المطعون ضدها تقوم بضرب التلاميذ ضرباً خفيفاً بعصا صغيرة بسبب عدم عمل الواجب المدرسى أو كثرة الكلام فى الحصة، وأنها تقوم بإعطاء دروس لمجموعة متميزة من التلاميذ، كما تم عرض تقرير متابعة آخر على وزير التعليم بخصوص شكوى ولى أمر التلميذ نفسه يتضرر فيها من كتاب مدير المدرسة ومدرسة الفصل المطعون ضدهما، تقرير ضد نجله وزوجته افتراء وكذباً ومن ثم أصدر الوزير تعليماته بمجازاتها بالقرار المطعون فيه فهذا القول مردود عليه بأن تلك اللجنة لم تبين كيفية وصولها إلى النتيجة التى ضمنتها هذين التقريرين والتى صدر على أساسها هذا القرار - كما خلت الأوراق من أية إشارة إلى أنه تم سؤال المطعون ضدهما واجهتهما بما نسب إليهما بل على خلاف ذلك ورد بمذكرة النيابة الإدارية بشأن التحقيق فى شكوى المطعون ضدها الأولى من اقتحام ثلاثة من الأشخاص للفصل الذى تدرس به وطلبهم منها الخروج وتفتيش دولابها وسؤال التلاميذ وأجروا تحقيقاً معهم ثم فوجئت بمجازاتها - ورد إلى النيابة الإدارية حققت الشكوى حيث سألت ................ ناظر المدرسة الذى قرر صحة ما ورد بهذه الشكوى كما قدم عدة شكاوى من أولياء أمور التلاميذ يتضررون من اقتحام لجنة للفصل مما أصاب أبنائهم بالذعر والارتباك، كما أنه بسؤال ................ موجه عام مكتب وزير التعليم للمتابعة وعضو بتلك اللجنة أفاد أن الأمر كان يقتضى بحث الموضوع على الطبيعة بالمدرسة كما هو المتبع مع كافة الشكاوى التى تقدم لمكتب المتابعة وأضاف أنه لم يحدث ثمة إرهاب للتلاميذ إطلاقاً بل على العكس كانت المعاملة بلطف وكذلك قرر مساعد وزير الشئون القانونية بديوان وزارة التعليم لدى سؤاله - أمام النيابة الإدارية أن التحقيق بالمعنى لم تمر على الشئون القانونية.
وحاصل ما تقدم جميعه أنه لم يتم التحقيق بالمعنى المقصود قانوناً والذى يتعين فيه مواجهة الموظف بالمخالفة المسندة إليه وتمكنه من الدفاع عن نفسه الأمر الذى يمثل إهدار لضمانة جوهرية يترتب عليه بطلان قرار الجزاء المطعون فيه ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.