الشك بالصفة القانونية للقانون الدولي العام
الدكتور قاسم خضير عباس
خبير قانون دولي وجنائي
المستشار القانوني لوزارة الدولة لشؤون المحافظات العراقية
kassemabbas@hotmail.com
انَّ قواعد ( القانون الدولي العام ) يشوبها بعض الشكوك حول طبيعتها هل هي قواعد أخلاقية أو هي قواعد قانونية بالمعنى المتعارف عليه ؟! حيث ذهب بعض فقهاء القانون إلى الشك في صفتها القانونية لعدم وجود مشرع ، وسلطة قضائية تنفيذية ، وعدم وجود جزاء يترتب على مخالفتها.
وأتصور أنَّ ذلك لاينفي صفة القانون عن القواعد الدولية ، خصوصاً وأنَّ الرأي الفقهي القانوني السائد قد أقر دون تردد الصفة القانونية لها ، بلحاظ أنَّ بعض القوانين الداخلية استقرت وأصبحت ملزمة دون وجود مشرع لها كالقانون الإنجليزي .
أما عدم وجود سلطة قضائية لتنفيذ ( القانون الدولي ) فهي مسألة مبالغ فيها كثيراً ، وعلى فرض صحة ذلك فإنه لاينفي عن القواعد الدولية صفة القانون ، لأنَّ القاعدة القانونية موجودة أصلاً قبل تدّخل القضاء لتنفيذها فالقاضي (لايخلق القانون بل يطبق القانون الموجود).
والشيء نفسه يسري على الجزاء ، فعلى الرغم من أنه يحفظ القواعد القانونية إلا أنه لاينفي صفة القانون عنها ، فهي موجودة ( ولولم يصحبها جزاء ) .
وهكذا نعرف أنَّ عدم وجود مشرع ، وقضاء دولي ، وجزاء لاينفي الصفة القانونية عن القواعد الدولية ، علماً أنَّ ( التشريع ليس هو المصدر الوحيد للقانون ، فقد عرفت المجتمعات المختلفة قواعد القانون قبل التشريع وكانت ولاتزال تتلقى جانباً منها من العرف ومن القضاء . بل إنَّ للعرف دوراً خطيراً في نطاق القانون الدستوري والقانون التجاري … وعليه فما يصدق على القانون الداخلي يصدق على القانون الدولي ) .
ولكن مع ذلك فإنَّ القوانين الدولية تختلف عن القوانين الداخلية في كونها تنشأ عن طريق التراضي بين الدول ، ( غير أنَّ هذا الاختلاف ظاهري واختلاف درجة لا اختلاف أصل ). خصوصاً وأنَّ العالم بدأ يشعر بحاجته للقواعد الدولية ، وحاجته للمنظمات الدولية ، ( بسبب تزايد إيمان الدول بأهمية التضامن بينها لأجل أمن وتعاون دولي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية ) . وقد بدأ منذ أكثر من خمسين عاماً عقل جمعي دولي لإقرار قواعد ( القانون الدولي العام ) ، التي تحث الدول على نبذ الحرب ، والالتجاء إلى الطرق السلمية لفض المنازعات ، والحفاظ على السلم والأمن الدوليين ، حسب
المادة الثانية الفقرة ثالثة ورابعة من ميثاق الأمم المتحدة التي تضع قيود اً على الدول لكي تلجأ إلى الطرق السلمية لفض المنازعات بينها .