حق الأفضلية في استيفاء الدين
فواز قيس يوسف
محكمة استئناف صلاح الدين الاتحادية
الدائن هو كل شخص ( طبيعي او معنوي ) له دين بذمة المدين وله حق استيفاء هذا الدين والمطالبة به أمام القضاء , لذلك فقد وضع المشرع العراقي قواعد اصولية في استيفاء الخصوم حقوقهم من غرمائهم واعطى لكل صاحب حق ، الحق في التتبع و المطالبة والتقدم على غيره من الدائنين متى ما كان دليل الاثبات لديه اقوى من الادلة المقدمة , كما و اعطى المشرع العراقي لهذا الشخص امتيازا على غيره من الدائنين متى ما كان حائزا على سند وكان ثابت التاريخ على حسب المنوال المفصل في المادة 26/اولا اثبات بحيث حاز صفة الحجة في الاثبات وكما هو معلوم ان الحجة اقوى وسيلة من وسائل الاثبات وحيث ان وسائل الاثبات تنقسم الى ثلاثة اقسام ( حجة و دليل وقرينة ) مقدمة كل واحدة على الاخرى فالحجة مقدمة على الدليل وهذا الاخير مقدم على القرينة وهكذا وعلى اساس ذلك يستقيم حكم القانون وتثبت الافضلية في استيفاء الدين .
هذه مقدمة اوجزتها قبل الدخول في صلب التعليق والذي يتناول مضمون قرار محكمة استئناف صلاح الدين بصفتها التمييزية بالعدد 39/ تمييزية /2011 في 18/5/2011. والذي جاء فيه (انه بتاريخ 18/5/2011 اصدرت محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية قرارا يقضي بنقض قرار المنفذ العدل القاضي بعدم صرف حصيلة التنفيذ لطالب التنفيذ (ع ع ) وذلك بحجة انه هناك دائنين اخرين مستحقين للدين وان حصيلة التنفيذ سوف تقسم فيما بينهم قسمة غرماء كونه غير صحيح ومخالف للقانون للاسباب المذكورة في القرار التمييزي) .
التعليق
من خلال الاطلاع على القرار موضوع التعليق تبين ان المنفذ العدل في بلد اصدر قرارا بعدم صرف حصيلة التنفيذ الناتجة عن بيع العقار المرقم 11/23 الدالية لطالب التنفيذ ( ع ع ) بحجة ان المدين له اكثر من دائن وان الحصيلة سوف توزع بينهم قسمة غرماء . وان ما جنح اليه المنفذ العدل هو اتجاه غير صحيح . وذلك ان المنفذ العدل بنى قراره على اساس ان للمدين دائنين اخرين وانهم بدرجة واحدة وانهم جميعا مستحقون للدين فلا يجوز تفضيل احدهم على الاخر , فهذا الاجراء قد يكون جيدا من جانب اثبات الحقوق , الا ان المنفذ العدل قد فات عليه التدقيق جيدا واتباع كافة السبل القانونية الكفيلة بضمان حقوق الدائنين والتي وضعها المشرع العراقي وحرص على تطبيقها خوفا من التلاعب وادخال اشخاص هم ليسوا باصحاب حق وبالتالي الاضرار بالدائن لحساب المدين . فكان عليه جلب الاضابير الاخرى وتدقيق مضمون السندات المبرزة وملاحظتها جيدا هل هي عادية او رسمية ثابتة التاريخ من عدمه وهل حازت صفة الامتياز او لا , وعلى اساس ذلك يبني الحكم لا ان ياخذ الامر على علاته , مع ملاحظة اسبقية التواريخ . والمقصود هنا بالتواريخ ليس تاريخ تحرير السند وانما تاريخ التاشير عليه من قبل الموظف المختص أي ( التهميش ). ففي هذه الحالة يمكن تحديد الاسبقية والاولوية في دفع الدين ومن ثم الرجوع على المستحقين من اصحاب التواريخ اللاحقة , اما اذا كانت جميعها بتاريخ واحد. او غير ثابتة التاريخ. او كان الحكم القضائي المنفذ غير مبني على اقرار شفهي ، او على نكول عن اليمين ، او على اقرار تحريري لم يثبت رسميا ان تاريخه سبق او يوافق تاريخ الحجز. ففي هذه الحالة تكون الديون بدرجة واحدة ويقسم الدين بين الدائنين قسمة غرماء . بمعنى اخر ( اذا كان السندات المبرزة جميعها بتاريخ واحد ، او غير ثابتة التاريخ ، او لم تستند على حكم قضائي غير مبني على اقرار شفهي او على نكول على اليمين او على اقرار تحريري لم يثبت رسميا ان تاريخه سبق او يوافق تاريخ الحجز، ففي هذه الحالة يجوز للحاجز المتأخر مشاركة الحاجز المتقدم في حصيلة التنفيذ على اساس قسمة الغرماء ) (1) وهذا ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف وهو الاتجاه القانوني السليم الا انه فات على محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية ان تبين للمنفذ العدل بانه موظف عام ومختص، أي هو من الاشخاص المشمولين بالمادة 26/اولا من قانون الاثبات وانه متى ما اشر على السند المبرز اليه يكتسب صفة الاولوية والاسبقية في استيفاء الدين وكل ذلك من اجل اثبات الحقوق
واعادتها الى اصحابها. وبذلك يستقيم حكم القضاء وتترسخ قاعدة حق الافضلية في استئيفاء الدين .
ملاحظة / للفائدة العامة
ولتوضيح قسمة الغرماء اكثر يمكن ان نعرفها بانها ( الالية التي يلجأ اليها المنفذ العدل لتوزيع ما حصل عليه من اموال المدين بغية تقسيمها على المستحقين من الدائنين والتي يفترض ان تكون اقل من اصل الدين ) . وللتوضيح اكثر نسوق المثال التالي:-
نفترض ان المدين ( س ) عليه دين بقيمة 1000000 وكان عدد الدائنين اربعة فـ (أ) له 450000 دينار و (ب ) له 200000 و (ج) له 100000 و (د) له 250000 وكانت حصيلة التنفيذ 600000 فيكون التوزيع كالاتي
1- (أ) 600000/1000000 ×450000= 270000
2- (ب) 600000/1000000 ×200000= 120000
3- (ج) 600000/1000000 ×100000=60000
4- (د) 600000/1000000 ×250000=150000
فمجموع الديون الموزعة تكون النسبة المحصلة وهو 600000 وهكذا .