يحيا العدل
برغم حداثة عمرها بين اشقائها من المحاكم المختلفة فإن المحكمة الاقتصادية فرضت نفسها رقما مهما في معادلة حقوق المستهلكين, وضمان جودة المنتج المصري.
المحكمة اصدرت حكمين بفرض غرامة مالية معتبرة علي شركة أرتك أوتو لقيامها بإنتاج سيارة بها عيوب تصنيع, ورفضها تعويض المشتري عن الاضرار التي لحقت به, وتضمن الحكم إلزام الشركة بنشر الحكم في جريدتين واسعتي الانتشار.
لاتقتصر الأهمية هنا علي إصدار الحكم فقط, وإنما تمتد إلي أن المدعي هو جهاز حماية المستهلك, الذي لجأ للمحكمة, بعد رفض الشركة تعويض المشترين.
أخيرا أصبح في مصر أمكانية قضائية لحماية حقوق المستهلك, ويمكن للمستهلك أن يشعر بالأمان, من الحصول علي حقوقه عبر القضاء بعد سنوات من عذابه, ومعاناته من منتجات مصرية للأسف هي معيبة وغير متقنة الصنع.
لقد استباح البعض من المنتجين المصريين المستهلك, وتعاملوا باستهانة مع حقه في الحصول علي منتج متقن مستوفي الشروط, يلبي احتياجه بل ان هؤلاء استباحوا حق الوطن الذي اتاح لهم امكانيات الثراء بخرقهم القوانين دون مبالاة وبشعور أمكانية الهروب من المسئولية.
المحكمة الاقتصادية ستحتاج في الفترة المقبلة إمدادها بالعديد من القضاة, وبزيادة أعداد العاملين فيها, إذ ما توسع المستهلكون المصريون في اللجوء للأدوات القضائية للحصول علي حقوقهم وإذا ما واصل جهاز حماية المستهلك برئاسة سعيد الألفي دوره في مواجهة الجشع والاستغلال التجاري للمستهلكين.
ليست القضية في إدانة هذه الشركة أو تلك وإنما في توافر إطار قانوني يتيح تحقيق التوازن بين قوة المنتج وبين حقوق المستهلك وهي المعادلة الغائبة عن السوق المصرية, من فترة ليست بالقليلة.. جهاز حماية المستهلك لن يتمكن بمفرده من ملاحقة مشاكل المستهلكين لاستعادة حقوقهم, لأن فوضي العملية الانتاجية واحدة من أبرز مظاهر السوق المصرية, والمنتجون بعد فترة طويلة من العمل في ظل ضوابط قانونية ضعيفة يحتاجون إلي مواجهات قوية لإعادة الانضباط للمنتج المصري.
انتشار جمعيات حماية المستهلك في المحافظات والمدن واحدة من الوسائل والأدوات المهمة لتحقيق التوازن في السوق, ومازالت ثقافة هذا النشاط من العمل الأهلي تحتاج إلي التدعيم, فهل يمكن للجهاز تقديم هذا الدعم ليمتلك أدوات متعددة ومنتشرة بطول مصر وعرضها.
جريدة الاهرام المسائي